تقنية التزييف العميق بين الفوائد والأضرار.. ل هشام الزوام
لا شك أنك سمعت عن خبر انتحار فتاة مصرية تدعى بسنت خالد، بعد أن تعرضت للابتزاز الإلكتروني من قبل أشخاص قاموا بنشر صور مفبركة لها.
للأسف، لم تتحمل الفتاة الشابة الضغوط الاجتماعية، بعد انتشار تلك الصور المزيفة في قريتها، فأقدمت على إنهاء حياتها، في مشهد أثر عليّ شخصي كما أثر على الملايين الذين تداولوا الخبر على منصات التواصل الاجتماعي.
لا شك أن قلة الوعي التقني كانت إحدى العوامل المؤثرة في قرار بسنت، فبدون هذا الوعي، صدّق أهل القرية هذه الصور المفبركة، ولو كانوا يعلمون كم أصبحت سهلة فبركة الفيديوهات والأصوات، لما صدّقوا هذه الصور!
هؤلاء الشباب المجرمون استخدموا ما يعرف بتقنية التزييف العميق Deepfake لفبركة الصور، فما هي هذه التقنية، وكيف تعمل، وفيم تستخدم؟
تعتبر تقنية التزييف العميق Deepfake أحد أنواع تطبيقات الذكاء الاصطناعي AI، والتي تتيح إنتاج مقاطع ووسائط مرئية وصور اصطناعية، بحيث يُخيًل لمن يشاهدها أول مرة كأنها حقيقية بالفعل.
في الماضي القريب، كان السبيل الوحيد للتزييف برنامج معالجة الصور (فوتوشوب)، والذي كان يستخدم حصرًا من قبل المصممين المحترفين بتعديل وتركيب الصور. أما التزييف العميق deepfakes فيتخذ منحى من مناحي الذكاء الاصطناعي، والذي يسمى التعلم العميق Deep Learning لإنتاج صور وفيديوهات لأحداث مزيفة.
هل يكون التزييف فقط بالفيديوهات؟
لا. في الواقع يمكن لتقنية التزييف العميق Deepfake إنشاء صور، بحيث تبدو وكأنها حقيقية، ولكنها في الحقيقة من صنع الخيال، ولا أدل على ذلك أكثر من الحسابات المنتشرة على السوشيال ميديا، والتي تعود معظمها لأشخاص وهميين.
أشهر هذه الحسابات حساب باسم “مايسي كينسلي”، والتي تزعم من خلاله عبر منصة لينكدإن أنها صحفية تعمل في صحيفة بلومبرج!! على الرغم من أنها شخصية وهمية بالكامل.
يمكن أيضًا لتقنية التزييف العميق تزييف الصوت، بحيث يمكن إنشاء “أشكال صوتية” أو “نسخ صوتية” لشخصيات مشهورة، يمكن استخدامها للابتزاز والتحايل وأيضًا لصنع الفيديوهات الفُكاهية.
آلية صنع هذه المقاطع المزيفة
في الحقيقة، لا يستغرق الأمر سوى بضع خطوات لعمل فيديو مبادلة الوجه Face-Swap.
في البداية، تقوم بتشغيل الآلاف من لقطات الوجه للشخصين المُراد إجراء العملية عليهما، عبر برنامج يعتمد على خوارزمية الذكاء الصناعي.
هذا البرنامج يُدعى “المشفر” Encoder، تكمن وظيفته بالتعرف على أوجه التشابه بين الوجهين ودراستها، والتعرف على الميزات المشتركة بينهما، ومن ثم ضغط الصور أثناء العملية.
خلال الخطوة الثانية يتم تدريس برنامج آخر يُدعى “برنامج فك الترميز” Decoder، والمصمم بخوارزمية ذكاء اصطناعي لاستعادة الوجوه من الصور المضغوطة.
ونظرًا لاختلاف الوجوه، تستطيع تدريب “برنامج فك ترميز” لاستعادة وجه الشخص الأول، وبرنامج آخر مشابه لاستعادة وجه الشخص الثاني. لتنفيذ تبديل الوجه، يمكنك بسهولة تغذية الصور المشفرة لبرنامج فك الترميز “الخاطئة”.
على سبيل المثال، صورة مضغوطة لوجه الشخص “أ” يتم إدخالها في وحدة فك التشفير التي تم تدريبها على الشخص “ب”. ثم تعمل وحدة فك التشفير على اعادة بناء وجه الشخص “ب” مع تعبيرات وحركات الوجه “أ”. والنتيجة الحصول على مقطع فيديو مقنع.